ما بين الخيال والواقع قنْطرة.. قنطرة صغيرة جدا..لكنها
خطِرة.. لذا يجب أن نتحلى بشجاعة كبيرة لنتجاوزها.. أحيانا تكون مغامرة غير محمودة
العواقب، خصوصا إذا اكتشفنا أننا كنا مُغفلين جدا عندما رسمْنا صورة جميلة ومثالية
لهذا الخيال.. لكنها تبقى رِحلة ضرورية، حتى لا نبقى هائمِين بين عالميْن..
مروكية كانت
في الجانب الآخر من القنْطرة.. مُنذ عرفتها في العالم الافتراضي تميزت بخفة دم غير
محدودة، وجمال روح لا ينًضب.. ومن خلال أحاديثي معها رسمتُ لها صورة في خيالي..
في هذا
العالم الافتراضي -عالم الخيال- كانت شمسا مشرقة، في شغبها، في مستملحاتها، في
مقالبها المتكررة..
ما جمعني بها أيضا هو عمل خيري، لأكتشف فيما بعد أنها كرّست نفسها لخدمة
المحتاجين والأقل حظًّا في الحياة؛ إذ يبدون جميعًا في عُهدتها كما لو كانوا
أبناءً لها، وهي أم حنون لهم.. بقدر تلك الدموع التي ذرفتها لأجلهم.. ثم لمْلمتْها
على خجل..
عبور..
عبور القنطرة الخطِرة، كان حين رتبنا لقاء مشتركا.. فكان التحول !
قصة التحول هذه ذكرتني ب"البوكيمونات" ! تلك
الكائنات الغريبة التي ترمز للخير .. وفي صراعها مع الشر كانت مضطرة للتحول، لتنتصر
في النهاية.. – لا أدري لماذا حضرني هذا المثال بالضبط - لكن تحول
مروكية في رحلة العودة عكس لي رحلتها التي تحمل شعار: "المحبة عبر التضحية" .. لأنها ترى الحياة بمنظار وردي وبكل بساطة.. تبرع في المجالات
التي تحث روحها الإنسانية الحسّاسة، تدفعها للتخلي عن ذاتها والتوجه لملاقاة
الآخرين، كأم تخلق من حولها جواً من الهدوء والطمأنينة، لتتمكن من فهم أبنائها
واحتياجاتهم فهماً عميقاً..وربما هذا ما جعلني أنعتها بسفيرة النوايا الحسنة..
معها الوقت يمضي فلا تحس به.. إنه يجري بسرعة ليست في صالحك، كانت
بسيطة ومتواضعة، رقيقة القلب مُسالِمة،...تتشعب معها
المواضيع، وتنقلك من موضوع إلى آخر على بساط سحري..
لن تحتاج كثيرا للتواصل معها، هي رقيقة كنسيم صيفي هادئ.. مبتسمة كفراشة
ربيع دائم.. الفرح يمشي كُريات في دمها الأخضر، وباقة من براءة تشتم عطرها من
كلمات تتركها معلقة في الهواء..
مروكية شخصية واضحة جدا، لا تعقد الأمور، هي نفسها ..هي مجرد زهرة برية،
تعيش حُرة.. وتمْلِك طاقة غريبة وإشعاعا قويا.. قادرة على التأثير في الآخرين..
مِمّن كلماتُهم شهِدت بذلك..
محاطة بهالة من وقار وهدوء، لكنها قد تجعلك فجأة ودون مقدمات تضحك من أعماق
قلبك عندما تُحوّل موقفا جادا إلى قمة الكوميدية !
فسحة لقلم أحمر..
كلما داهمني تردّي الذوق العام أتحسّر قائلة: قديما كان للشعر أسواق
وللناس أذواق.. أما اليوم فقد أصبح كل شيء مرهونا بالأضواء والأبواق.. ومات
إحساسنا بالكلمة..
لكن أحيانا أتفاجأ بومضات تشرق هنا وهناك.. تُؤكّد أن الكلمة لازالت
لم تمُت.. الكلِمة الصادقة المعبرة..
تصف
مدونتها أنها فسحة لقلم أحمر، يعشق الكتابة والوطن..
هي فسحة فعلا.. فسحة للجميع.. لأن كلماتها تدخل القلب دون استئذان..
تدويناتها لا تحتاج كثيرا من الفلسفة أو التحليل، بسيطة بساطة صاحبتها، تدويناتها
في عمر الزهور،لأنها تملك قدرات داخلية خارقة تمكنها أن ترى بوضوح وسط العواصف والخيْبات..
من خلال
تدوينتها تتأكّد أنها متميزة.. بعفويتها، بالتِقاطاتها الجميلة والجِرّيئة،
ودفاعها عن الأنثى بشراسة، لكن بسخرية سوداء لاذعة.
تهوى كل ما هو روحاني.. حين تتساءل بحيرة: هل يحبني الله؟
تعشق مغربها عشقا
جنونيا.. ذلك الحب الذي يجعلك لا تعاتب حبيبك ولا تلومه، رغم كل ما قد يسببه هذا
الحبيب من هجر أو ألم..
تهوى كل ما هو وخيالي حين تحلم.. كيف لا وأحلامها كثيرة ؟.. تسُدّ عين الشمس !..
في الواقع تبدو لك امرأة رقيقة.. لكنها
في العُمق أكثر صلابة مما هي في الظاهر،لأنها تؤمن بأشياء كثيرة.. أشياء أنا
شخصيا تخلّيْتُ عن الإيمان بها.. أشياء صدّقتها فتأكدت لاحقا أنها كِذبة
كبيرة .. لكنها
جاءت لتذكرني بها..
قبل أن أودعها في طريق عودتي، قلت لها مازحة : سناء.. لقد كان تحولك من
الافتراضي إلى الواقعي تحولا ناجحا .. فضحكت..
كيف لا وهي التي تمنحك إحساسا بغد مشرق !
كيف لا وسناء لا تحتمل لغويا إلا معنى واحد هو
العُلوّ والرِّفعة والسّمُو..